رضا طعيمة ذو الأصل العريق، المبتهج دائما لم تكن الدنيا بالنسبة له سوى مكان للمتعة بكل شيء، ولا يبالي بأي شيء، وليس له من الأحلام إلا أن يكون مطربا أو ممثلا أو مخرجا؛ لذا اجتهد في هذا الاتجاه حتى قرر دراسة الإخراج لتحقيق حلمه كمخرج عالمي.
لم تكن حياته سوى مجموعة من الرحلات والنزهات هنا وهناك في كل مكان وفي أي وقت تسنح له الفرصة مع الاشتغال بالهناجر الخاصة بالتمثيل للتدرب والتعلم في هذا المجال، وهو يحلم بالعالمية والشهرة والمال والأفلام التي سوف ينقش عليه اسمه، وانعكس ذلك على سلوكه وزيه؛ فحول رقبته السلسلة الذهب والشعر الهيبيز، مرتديا البلوزة الأفريقية؛ حتى إنه كان لا يُعرف هل هو مصري أم لا، إلى أن تم لقاء مع الشيخ "على الله" في قطار القاهرة الإسكندرية عام 1980.
داخل القطار
وداخل قطار القاهرة الإسكندرية تقابل رضا مع الشيخ "على الله"؛ ذلك الشيخ الذي لم يتجاوز الخمسين من العمر، وكان يجلس على الكرسي المقابل لرضا طعيمة، فنظر إلى مظهر رضا وسأله مستفسرا: الأستاذ مسلم؟ فرد رضا مندهشا: طبعا مسلم الحمد لله. وهنا جاءت الهدية؛ حيث أخرج الشيخ على الله قطعة شيكولاته أهداها إلى رضا الذي تقبلها منه شاكرا.
ولكن هذه الهدية البسيطة كانت مقدمة لسؤال آخر وحوار تسبب في تغيير حياة طعيمة 180 درجة، وحسب قوله: تسبب في تحويله من الظلمات إلى النور، ومن طريق الضلال إلى طريق الهداية والحق؛ ليتحول رضا من الشاب الماجن اللاهي إلى الداعية والخطيب، والمخرج ولكن بمفهوم جديد عن المفهوم الذي كان يحلم به من قبل، وليصبح أحد الحافظين لكتاب الله، والدارسين في مجال الدراسات الإسلامية، وأول داعية لألبانيا بعد خمسين عاما من الشيوعية، ومن ألبانيا إلى الجمهوريات الإسلامية بالاتحاد السوفيتي سابقا، حتى سافر داعيا إلى الله فيما يقرب من 50 دولة، إلى جانب نشر العديد من الكتابات الإسلامية، ومنها على سبيل المثال: "مع المستغفرين"، و"كنز الوصول للحبيب الرسول"، و"الجمال في الإسلام"، و"في روضة الدعاء"، و"عالم الملائكة"، إلى جانب دوره الدعوي كمخرج، متجسدا في أعماله الفنية من أناشيد وفيديو كليب للأطفال والكارتون، إلى جانب التمثيل في عدد كبير من المسلسلات مع بعض الممثلين المشهورين بالتلفزيون المصري، إلا أنه دائما يؤدي دور الشيخ؛ سواء أمام الكاميرا أو خلف الكاميرا؛ في محاولة منه لجذب الانتباه وتشجيع التوجه الإسلامي داخل الوسط الفني.
حوار لمدة 15 دقيقة
رضا طعيمة في ألبانيا
التحول الكبير في حياة طعيمة كان بداية حوار لمدة 15 دقيقة مع الشيخ على الله، الذي سأله بعد أن أهداه قطعة الشيكولاته السؤال التالي: ماذا أعددت لليلة القبر؟ وتعجب رضا من السؤال، ولم يجد ردا، إلا أن الشيخ على الله استطرد وسأله: ماذا أعددت من صلاة؟ ماذا أعددت من صوم؟ وكان رد رضا طعيمة في كل سؤال واحدا لا يتغير: لا شيء لا شيء..
والطريف في الأمر أن الشيخ على الله لم يقرأ في حياته إلا القرآن الكريم وكتاب رياض الصالحين، إلا أنه تسبب في تحول حياة طعيمة الذي تحتوي مكتبته الآن على ما لا يقل عن 4 آلاف كتاب في مختلف العلوم الإسلامية، وهكذا تحولت حياة طعيمة خلال هذه الـدقائق الخمس عشرة إلى حياة أخرى، متناسيا حياته الماضية، رافضا حتى تذكرها، وينظر رضا إلى صورته قبل عام 1980 وصورته بعد ذلك، ويحمد الله أن هداه إلى طريق الحق طريق الإسلام، ويتذكر قطار القاهرة الإسكندرية عام 1980 وقطعة الشيكولاته التي كانت سببا في تغيير مجرى حيات